منذ زمن والمسيرات الحسينية تقام من قبل الموالين والمحبين لآل البيت (عليهم السلام ) في مدن أوروبا وأميركا واستراليا وافريقيا ..
والمساحة الحسينية تتسع في اضطراد لم يتوقف , ومنذ أن إنتهى يوم عاشوراء قبل ألف وأربعمائة وثمان عشرين عاما هجرياً ..
وقررت مع نفسي أن أخرج هذه السنة في المسيرة الأربعينية , ولا يشغلني عنها أي شاغل كما حصل في المرات السابقة , والحمد لله توفقت للحضور والمشاركة ..
لكن الذي جعلني أكتب هذا المقال هو عنوان بعض المسيرات في أوروبا , إضافة إلى التساؤلات مع بعض العتب الخفيف سمعتها من العديد من الاخوة من غير الشيعة ..
حول عنوان :
(( الجالية الشيعية تدعوكم لأحياء مسيرة الأربعين)) !!!
لماذا هذا العنوان ؟؟؟
مع شكري واحترامي لجهود كل الآخوة الذي ساهموا في احياء هذه المناسبة والمناسبات السابقة... أقول لهم :
كل الفقهاء والعلماء والعقلاء وكبار القوم يركزون في دعواتهم عن الابتعاد ما يثير الخلاف والتفرقة , عسى ولعل أن تمر هذه المحنة الرهيبة وتنقضي بسلام ..
لم يكن الحسين يوماً حكراًُ على طائفة..
إن الحسين بن علي أعلى من عنوان طائفة , بل أعلى حتى من عنوان المسلمين .
إنه رمز كبير من رموز المصلحين والثوار والأحرار في الكرة الأرضية ..
الحسين رمز إنساني تغنت به الشعوب والأمم والقادة على مر التأريخ , وسيبقى ذكره سرمدياً لا يستطيع منه الزوال ولا يحتويه النسيان..
تغـنى الزعيم الهندوسي الكبيرالمهاتما غاندي بالحسين بن علي .
وأقر الزعيم الباكستاني محمد علي جناح مؤسس دولة باكستان بالفضل للحسين في تأسيس دولة باكستان الحديثة ..
وكتب ما كتب الأديب والفيلسوف المصري المرحوم عباس محمود العقاد. من كتب وأفكار رائعة ودقيقة حول الامام الشهيد وحول نهضته في كربلاء ..
وهام الأديب والقس اللبناني بولس سلامة حباً بآل البيت , وأقرانه من أدباء الشام كذلك ... ميخائيل نعيمة وانطوان بارا وجبران خليل جبران .
وهذا مقطع من قصيدة للأديب المسيحي اللبناني بولس سلامة ترمز إلى المعنى الذي نريد :
لا تَـقـلْ: شيــعـــةٌ هُواةُ عليٍّ ... إنّ في كـلّ مُنصـِفٍ شيعـيـّا
هو فخرُ التـأريخ لا فخْرُ شعبٍ ** يَدّعــيـهِ.. ويَصطفـيه وليّا..
يا عليَّ العصورِ هذا بياني ** صِغتُ فيه وحيَ الإمام جليّا
يا أمــيـرَ البـيـان هذا وفـائي **أحمَـدُ اللهَ أن خُـلِقتُ وفـيــّا:
وذاك المستشرق الألماني كارل بروكلمان الذي دافع وأيد إقامة الشعائر الحسينية وكأنه أحد المتعصبين الشيعة , وكذلك مسيو ماربين الألماني أيضاً , وغيرهم مما يطول المقام بذكرهم..
وذاك الأديب والزعيم الدرزي الكبير شكيب ارسلان وما قاله وما أنشده بحق آل البيت (عليهم السلام) .
وفي مصر يحضر عند مقام السيدة زينب ومقام راس الامام الحسين الملايين التي لا عد ولا حساب لأعدادها..
كذلك اخوتنا المندائيين لهم حضور يكاد لا ينقطع ولا يخفى في هذا المجال , وتحدثني الأخت الأديبة المندائية راهبة الخميسي أنها لم تنقطع في سنة من السنين أيام وجودها في العراق عن المشاركة في تهيئة طعام أيام عاشوراء وغير أيام عاشوراء.. إن كان في بيتها , أو مع جيرانها المسلمين..
ومع الأسف يجري الذي يجري الآن على المندائيين في العراق من عسف وجور من بعض الأوباش (المدفوعين)..عليهم وعلى المسيحين وباقي الطوائف الأخرى, حتى يكاد أن يندثروا من العراق ولأول مرة في تأريخ العراق..
أعرف الكثير من العوائل السنية تنذر أن تساهم في كل سنة من أيام عاشوراء بالتبرع والعطاء وإطعام الطعام في حب المولى أبي عبد الله الحسين عليه السلام.
لقد أقام قسم كبير من الشيعة هذا العام في مدينة مالمو السويد مجلسهم في مسجد المدينة الكبير والذي يديره الإخوة من أبناء المذاهب السنية..
صحيح أن هيئة خدام الحسين دفعت إيجاراً للمسجد , ولكن هذا ليس هو السبب لقبول إدارة المسجد إقامة مراسيم الحسين عليه السلام , لو لم يكن هناك الشعور بالاتفاق والعقيدة المشتركة..
..
علماً أن هذه ليست اول مرة تقيم الشيعة فيها مجلس عاشوراء في أحد مساجد أهل السنة في مالمو/السويد..
يشهد الله تعالى كنت سعيداً وفرحأ بإقامة مأتم الحسين في مسجد أهل السنة الكبير , وإن لم أحضر فيه لإنشغالي بإرتباطات أخرى, لأن مثل هذه الحالة تظهر حقيقة مهمة هي أن أهل السنة في واد والتكفيريون والارهابيون في واد آخر مختلف.
أولئك الإرهابيون الذي يفجرون أنفسهم في زوار الامام الحسين هم من أبناء الخوارج من الذين حاربوا الإمام علي في معركة النهروان .. وليسوا من اهل السنة المعتدلين ..
إنهم الخوارج الذين يقتلون أهلنا في مدن الأنبار والموصل وتلعفر وباقي المدن السنية كما يقتلون أهلنا الشيعة بلا رحمة.
وكم كان جميلاً وحكيماً موقف الإخوة في * جمعية نون الثقافية * حيث استضافوا رجل الدين الشيعي الشيخ *.د. عبد الزهرة البندر*, والشيخ المهندس السني *عدلي أبو حجر* ليتحدثوا عن الإمام الحسين عليه السلام , ويتحاور الجمهور معهم في ندوة مفتوحة وفي أجواء أخوية إيمانية بعيدة عن التوتر الطائفي ..
الإحتقان الطائفي يضر بقضيتنا ويضر بكل المذاهب وبالدين الإسلامي أيما ضرر ..
اقول لأخوتنا المقيمين لهذه المراسيم جزاكم الله خيرالجزاء وتقبل اعمالكم , وأقول لكم قول الله تعالى :
( وَأَمْرُهُمْ شورَى بَيْنهُمْ )
إن الشورى من شرائط المؤمنين ولا بأس أن تستشيروا اخوانكم وأصحابكم من المؤمنين , بل واجب عليكم أن تستشيروا أهل المدينة التي تقيمون بها شعائركم , وكل شعار يطرح من قبلكم على الساحة يمثـلـنـا ومحسوب علينا شئنا أم أبينا , وتسألنا الناس والمجتمعات عنه , حتى إن كنا لا نعلم به ولم يستشرنا به أحد , وربما من يعرفنا ويعتب علينا وعلى مستوى أنحاء العالم أكثر ممن يعرفكم ...
إن الله تعالى أمر رسوله الكريم بأن يلتزم مبدأ الشورى , وطالما عمل رسول الله (ص) بمبدأ الشورى فهل هناك أعلى من الرسول لكي لا يحتاج للتشاور مع أخوته خصوصاً أهل الحل والعقد من كبار السن ومن اهل المنبر والعلم والقلم والفكر.. أم أن هناك من يمتلك الحق أن يقرر بالنيابة عن الشيعة وبدون أن نعرفه ؟؟؟
الذي يهمنا هو وحدة الصف لذلك لن نتوقف طويلاً , حتى عند أقل حق من حقنا الإنساني , وهو أن نعلم من الذي يتكلم ويخطط ويدعوا باسمنا.. نحن الشيعة ونحن بالآلاف ؟؟؟
وسنتجاوز عن هذا الإقصاء المتعمد لوجودنا ونشاطاتنا التي وصل صداها إلى أنحاء العالم... سنتناسى وسنبقى هكذا لئلا يقع الخلاف , وإلى أن يقضي الله امراً كان مفعولاً ...
فقط نقول :
استشيروا إخوانكم يرحمكم الله وقد قال إمامكم وامامنا أميرالمؤمنين علي (ع) ما خاب من استخار وما ندم من استشار..
مع الشعراء في ذكرى المولى أبي عبد الله :
من قصيدة للسيد هاشم السبتري البحراني ( ره)
قم جدد الحزن في العشرين من صفر*** ففيه ردت رؤوس الآل للحفر
يا زائري بقعة أطفالهم ذبحت*** فيها خذوا تربها كحلاً إلى البصر
مقطع من قصيدة مخمسة للشاعر المرحوم مهدي الفلوجي الحلي المتوفى 1357 هجري
أراك بحيرة ملأتك ريناً *** وشتتك الهوى بينا فبينا
إذا شئت النجاة فزر حسيناً ***فطب بالله وقر عيناً
ومن قصيدة لصديقنا الاستاذ الشاعر المبدع *فائق الربيعي* بعنوان *هو الحسين*
قال فيها:
شدني له شوق صادق عرم *** يهوى الحسين الذي في شفعه وتر
هبت نسائم عطر من مهابته *** بيـن البــريــة كالآيات والخــبــــر
نسجت برد خيالي أيها الفكر *** وطرت شوقاً وفي نفسي لك الذكر
السلام عليك يا مولاي يا أبا عبد الله وعلىالأرواح التي حلت بفنائك..عليكم مني جميعاً سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار, ولا جعله الله آخرالعهد مني لزيارتكم
تحيااتي الحاارة لكم
ريم لميس